في خطوة نوعية تهدف إلى حماية الهوية الثقافية العربية من الاندثار أُطلقت مؤخرًا منصة رقمية عربية متخصصة في توثيق التراث الشعبي بالصوت والصورة وتُعد هذه المبادرة الأولى من نوعها في المنطقة حيث تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والموروث الشفهي لتقديم تجربة تفاعلية غنية للباحثين والمهتمين والجمهور العام
المنصة التي تحمل اسم حكاية وتديرها مجموعة من الباحثين والمبدعين في مجال التراث الثقافي غير المادي تهدف إلى جمع وتوثيق الأغاني الشعبية والأمثال والحكايات والأساطير المحلية من مختلف الدول العربية وتقديمها في صيغة رقمية قابلة للمشاركة والتفاعل وقد تم تطوير المنصة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل المحتوى وتصنيفه حسب المنطقة والموضوع والزمن
تتيح المنصة للمستخدمين تصفح أرشيف صوتي ومرئي يضم آلاف التسجيلات التي تم جمعها من القرى والمدن والمناطق الريفية كما توفر أدوات بحث متقدمة تُمكن الزائر من الوصول إلى المحتوى المطلوب بسهولة سواء عبر الكلمات المفتاحية أو الخرائط التفاعلية التي تُظهر توزيع الحكايات والأغاني بحسب الجغرافيا
من أبرز ميزات المنصة أنها تسمح للمستخدمين بالمساهمة في إثراء المحتوى من خلال رفع تسجيلاتهم الخاصة أو مشاركة قصصهم العائلية مما يحوّلها إلى مشروع جماعي حيّ يُشارك فيه الجميع في حفظ الذاكرة الشعبية وقد تم وضع ضوابط دقيقة لضمان جودة المحتوى ومصداقيته من خلال فريق تحرير متخصص يقوم بمراجعة المواد قبل نشرها
كما تقدم المنصة قسمًا خاصًا للباحثين يحتوي على دراسات ومقالات أكاديمية حول التراث الشعبي العربي إضافة إلى أدوات تحليل رقمية تساعد في دراسة الأنماط اللغوية والموسيقية والاجتماعية للحكايات والأغاني وقد عبّر عدد من الأكاديميين عن إعجابهم بهذه المبادرة مؤكدين أنها تفتح آفاقًا جديدة في دراسة الثقافة الشعبية باستخدام أدوات العصر
المنصة لا تقتصر على التوثيق بل تسعى أيضًا إلى إعادة إحياء التراث من خلال تنظيم فعاليات رقمية مثل أمسيات حكاية تُبث مباشرة عبر الإنترنت وتستضيف رواة شعبيين من مختلف الدول العربية يشاركون قصصهم أمام جمهور افتراضي كما يتم تنظيم مسابقات دورية لأفضل تسجيل شعبي وأفضل قصة مصورة مما يعزز التفاعل ويشجع الشباب على الاهتمام بتراثهم
وقد لاقت المنصة ترحيبًا واسعًا من قبل المؤسسات الثقافية والإعلامية التي اعتبرتها نموذجًا ناجحًا في توظيف التكنولوجيا لخدمة التراث كما أبدى عدد من المستخدمين إعجابهم بسهولة الاستخدام وغنى المحتوى مؤكدين أن المنصة ساعدتهم على اكتشاف جوانب من تراثهم لم يكونوا يعرفونها من قبل
في زمن تتسارع فيه وتيرة التغيير وتكاد الذاكرة الشعبية أن تُنسى تأتي منصة حكاية لتقول إن التراث ليس ماضيًا جامدًا بل هو حاضر نابض يمكن أن يعيش ويتطور إذا ما وجد من يحفظه ويرويه ويُعيد تقديمه بلغة العصر
الأقسام الرئيسية
الأكثر مشاهدة من نفس التصنيف
الرأي الأخر
0