logo logo

مجلة شهرية عربية عالمية , مجلة البيلسان

أهلا بكم

العنوان : شارع

Call: 960-963-963 (Toll-free)

[email protected]
آخر الأخبار

العراق من تجميد أموال حزب الله وأنصار الله (الحوثيون) إلى تراجع مفاجئ: قصة قرار مضطرب

 
 
في سابقة أثارت دهشة الشرق الأوسط، أعلنت حكومة العراق يوم 4 ديسمبر 2025 أن أموال جماعتي «حزب الله» اللبناني و«الحوثيين» اليمنيين جُمِّدت رسميًا، ضمن قائمة منظمات وكيانات وصفتها بـ«الإرهابية». الإعلان جاء عبر الجريدة الرسمية (جريدة „الوقائع العراقية“)، في خطوة وصفها البعض بأنها ترجمة لضغوط دولية، وفي مقدمتها الضغوط من الولايات المتحدة على بغداد لقطع نفوذ حلفاء طهران. 
 
بحسب النص المنشور، القرار صدر بموجب «قرار لجنة تجميد أموال الإرهابيين» رقم 61 لسنة 2025، الذي صنّف 24 كيانًا كـ«منظمات إرهابية»، من ضمنها حزب الله والحوثيون، متهمين بـ«المشاركة في ارتكاب عمل إرهابي». بموجبه جُمِّدت كل الأموال المنقولة وغير المنقولة والموارد الاقتصادية التابعة لهذه الكيانات. 
 
 لماذا هذه الخطوة كانت مفاجئة
 
على مدى سنوات، حافظ العراق على توازن دقيق بين علاقاته مع طهران والسعي للحفاظ على علاقات متوازنة مع القوى الغربية. القرار إذًا مثّل تغييرًا مفاجئًا في معادلة سياسية معقدة. 
 
لأن الإدراج جاء ضمن قوائم مكافحة الإرهاب وتمويل الإرهاب، وعلى خلفية اتهامات بـ«الإرهاب» — ما يعني أن بغداد كانت على أبواب زعزعة علاقاتها مع حلفاء طهران داخل البلد وخارجه. 
 
 
لكن، ورغم الجدية الظاهرة في القرار، جاءت المفاجأة الصادمة في شكل تراجع سريع.
 
 
---
 
التراجع الرسمي: «خطأ نشر» يُطيح بالقرار في ساعات
 
لم يمض وقت طويل حتى أطلقت لجنة تجميد أموال الإرهابيين، التابعة لـالبنك المركزي العراقي، بيانًا صحفيًا قالت فيه إن إدراج حزب الله والحوثيين في القائمة كان «خطأ» — نتيجة نشر القائمة قبل مراجعتها النهائية. 
 
وبعد هذا التصريح، أبلغ مكتب رئاسة الحكومة أن شكل القرار ومضمونه لا يعكس موقف الحكومة الرسمي، وأمر بـ«تحقيق عاجل» لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين. 
 
بالتالي، قررت بغداد تصحيح القرار: حذف اسمي حزب الله والحوثيين من قائمة «الكيانات المرتبطة بداعش والقاعدة»، والاستثناء جاء لأنها «ليست مرتبطة بأنشطة إرهابية» حسب تأكيد اللجنة. 
 
 
---
 
ما يعنيه القرار — حقيقة مؤقتة / أو دلالة رمزية؟
 
القرار الأوّلي — ولو استمر — كان سيمثل تحوّلًا جذريًا في السياسة العراقية: تقليص لنفوذ نافذين مدعومين من إيران، وضغط على شبكات مالية وسياسية عابرة للحدود داخل العراق وخارجه. لكن التراجع السريع أضعف كثيرًا من أي أثر عملي لهذه السياسة.
 
بعض المحللين يرون أن سرّ الخطوة — ومن ثم سحبها — يعود إلى طبيعة التركيبة السياسية في بغداد، فقد يكون نشر الأسماء نابعًا من صراع على النفوذ داخل مؤسسات الدولة، أو نتيجة لخطأ إداري أو قرار متسرّع في لحظة ضغط دولي. 
 
كما أن هذا الحدث كشف هشاشة آليات صنع القرار في العراق: قوائم تُعدّ دون تنقيح دقيق، ونشر رسمي يتم قبل مراجعة شاملة. هذا الأمر أثار تساؤلات عن مدى جدية بغداد في مكافحة تمويل الإرهاب إذا لم تكن هي أول من يتأكد من أفعالها الداخلية.
 
 
---
 
ماذا يعني هذا بـ «أصدقاء الداخل والخارج»
 
من جهة دول غربية، كان القرار الأوّل — بتجميد أموال حزب الله والحوثيين — شهادة نادرة على رغبة العراق في تقييد نفوذ الميليشيات المرتبطة بطهران.
 
من جهة إيران وحلفائها: التراجع الأكيد هو انتصار سياسي لدوائر نفوذ قوية داخل العراق، تؤكد أن القرار لا يعدو كونه «زلة لسانيّة» أو «خطأ إداري».
 
لملايين العراقيين والمراقبين الإقليميين: الأزمة تؤكد أن معادلة بغداد بين الشرق والغرب لا تزال هشّة، وأن أي تغيّر مفاجئ في السياسات خارجيًا أو داخليًا قد ينهار بسرعة.
 
 
 
---
 
خلاصة: درس مؤقت في عدم الاستقرار السياسي
 
الحادثة — من تجميد مفاجئ لأموال منظمات محورية في محور إقليمي إلى تراجع فوري — ترسم صورة العراق اليوم: بلد يعيش صراعات داخلية على النفوذ، حيث القرارات السياسية الحساسة قد تُتخذ ثم تُلغى في ساعات.
 
قد لا تكون هذه الحادثة نهاية طريق النفوذ الإقليمي لحلفاء طهران، لكنها بلا شك إشارة على أن بغداد تواجه ضغوطًا كبيرة، وتُظهر هشاشة في الأداء الرسمي. ربما تبقى «الرسالة» الإعلامية هي الأهم — أن بغداد مجبرة على توازن دقيق — أكثر من أن تكون معركة فعلية على الأرض.