logo logo

مجلة شهرية عربية عالمية , مجلة البيلسان

أهلا بكم

العنوان : شارع

Call: 960-963-963 (Toll-free)

[email protected]
آخر الأخبار

انهيار مبنى وزارة الداخلية في دمشق مأساة ترميم تكشف هشاشة البنيان وتستنهض الذاكرة

 
 
في صباح الأربعاء الأول من تشرين الأول لعام ألفين وخمسة وعشرين شهدت العاصمة السورية دمشق حادثًا مأساويًا تمثل في انهيار جزئي لسقف أحد الطوابق في المبنى القديم لوزارة الداخلية المعروف باسم مبنى السرايا الواقع في ساحة المرجة التاريخية وسط المدينة هذا المبنى العريق الذي يعود إلى الحقبة العثمانية كان يخضع لأعمال ترميم بعد تعرضه لحريق كبير في شهر حزيران الماضي لكن ما كان يفترض أن يكون خطوة نحو إعادة الألق تحول إلى كارثة إنسانية
 
أثناء أعمال الترميم انهار سقف أحد الطوابق بشكل مفاجئ ما أدى إلى احتجاز عدد من العمال تحت الأنقاض وقد أعلنت فرق الدفاع المدني السوري أن ما بين خمسة إلى ستة عمال كانوا عالقين تحت الركام وتمكنت الفرق من إنقاذ عدد منهم وسط ظروف صعبة للغاية بسبب كثافة الركام واحتمال حدوث انهيارات إضافية في المبنى الأمر الذي منع استخدام المعدات الثقيلة مثل الرافعات التلسكوبية خشية انهيار المبنى بالكامل
 
الحادث أسفر عن وفاة ثلاثة عمال وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة وفق ما أعلنته وزارة الداخلية السورية ومحافظة دمشق التي أكدت أن الدولة ستتحمل كامل مسؤولياتها تجاه المصابين والمتضررين وستقوم بتعويضهم وجبر ضررهم كما تم استنفار فرق الطوارئ والإسعاف وقطع الطرقات المحيطة لتسهيل حركة سيارات الإنقاذ والإخلاء
 
مبنى السرايا الذي كان مقرًا للحاكم العثماني ثم استخدم لاحقًا كمقر لوزارة الداخلية يعد من أبرز المعالم الإدارية التاريخية في دمشق وقد تعرض خلال السنوات الماضية لإهمال كبير وتخريب متعمد وفق ما جاء في بيان محافظة دمشق التي أشارت إلى أن النظام البائد ألحق به أضرارًا إنشائية جسيمة ما جعل عملية ترميمه محفوفة بالمخاطر
 
الانهيار أثار موجة واسعة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي حيث عبّر العديد من النشطاء عن حزنهم وغضبهم من الإهمال المتراكم الذي أدى إلى هذه الكارثة وطالبوا بفتح ملف المحاسبة الجادة وعدم تحميل الإدارة الحالية مسؤولية ما وصفوه بإهمال امتد لسنوات طويلة كما أشادوا بجهود فرق الإنقاذ التي عملت في ظروف صعبة للغاية لإنقاذ العالقين
 
الحادثة أعادت إلى الأذهان هشاشة البنية التحتية في العديد من المباني التاريخية التي لم تحظَ بالصيانة الكافية على مدى عقود كما فتحت الباب أمام نقاش واسع حول ضرورة إعادة تقييم سلامة المنشآت القديمة قبل الشروع في ترميمها خاصة تلك التي تعرضت لأضرار سابقة مثل الحريق الذي نشب في المبنى ذاته قبل أشهر وأدى إلى احتراق أجزاء من الطابق الأرضي وامتداد النيران إلى إحدى عشرة غرفة
 
في خضم هذه المأساة برزت دعوات لتوثيق ما جرى ليس فقط من أجل المحاسبة بل أيضًا من أجل التعلم من الأخطاء وتفادي تكرارها في مشاريع ترميم أخرى كما دعت بعض الأصوات إلى تحويل مبنى السرايا إلى متحف يوثق تاريخ دمشق الإداري والسياسي ويخلد ذكرى من قضوا فيه أثناء محاولة إنقاذه
 
انهيار مبنى وزارة الداخلية في دمشق لم يكن مجرد حادث إنشائي بل لحظة مفصلية كشفت عن عمق التحديات التي تواجهها سوريا في إعادة بناء مؤسساتها وترميم ذاكرتها العمرانية وهو نداء صامت بأن الأرواح ليست مجرد أرقام وأن المباني ليست فقط جدران بل شواهد على تاريخ يجب أن يُصان بحكمة ومسؤولية