تم إطلاق أول متحف افتراضي في العاصمة السورية دمشق يوثق ذاكرة السجون والانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون في البلاد خلال العقود الماضية ويأتي هذا المشروع في إطار جهود متواصلة لحفظ الذاكرة الجماعية وتوثيق التجارب الإنسانية التي مر بها آلاف السوريين داخل مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية
المتحف الذي تم افتتاحه داخل المتحف الوطني في دمشق يعتمد على تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز ويتيح للزوار تجربة تفاعلية فريدة من نوعها حيث يمكنهم التنقل بين غرف السجون الافتراضية والاستماع إلى شهادات حقيقية من معتقلين سابقين وعائلاتهم كما يعرض المتحف صورًا ثلاثية الأبعاد لمرافق الاحتجاز ويقدم معلومات دقيقة حول ظروف الاعتقال وأساليب التعذيب التي كانت تمارس بحق المعتقلين
يهدف هذا المشروع إلى تسليط الضوء على الانتهاكات التي وقعت داخل السجون السورية وإلى بناء وعي مجتمعي حول أهمية العدالة الانتقالية والمحاسبة ويؤكد القائمون على المتحف أن الهدف ليس فقط التوثيق بل أيضًا خلق مساحة للحوار والتأمل في مستقبل البلاد وكيفية تجاوز آثار الماضي
يضم المتحف أكثر من مئة شهادة صوتية ومرئية تم جمعها من معتقلين سابقين من مختلف المحافظات السورية كما يحتوي على أرشيف رقمي يضم وثائق وتقارير طبية وصورًا نادرة تم تهريبها من داخل السجون ويتيح للزوار تصفح هذه المواد عبر أجهزة لوحية موزعة داخل القاعة أو من خلال تطبيق إلكتروني يمكن تحميله على الهواتف الذكية
من أبرز ما يميز المتحف هو تصميمه الفني الذي يحاكي بيئة السجن من حيث الإضاءة والصوت والمجسمات مما يخلق تجربة حسية قوية لدى الزائرين ويقول أحد المصممين إن الهدف كان أن يشعر الزائر ولو للحظات بما كان يعيشه المعتقلون من عزلة وخوف وضيق في المكان
وقد لاقى المتحف اهتمامًا واسعًا من قبل منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الثقافية المحلية والدولية حيث اعتبره البعض خطوة جريئة نحو مواجهة الماضي بشجاعة وشفافية كما أبدى عدد من الناجين من السجون ارتياحهم لفكرة المتحف مؤكدين أن توثيق معاناتهم بهذا الشكل يمنحهم شعورًا بالاعتراف والإنصاف
المتحف لا يقتصر على عرض الانتهاكات بل يخصص جناحًا خاصًا لقصص الأمل والصمود حيث تُعرض شهادات لمعتقلين تمكنوا من تجاوز محنتهم وشاركوا لاحقًا في بناء مجتمعاتهم أو في الدفاع عن حقوق الإنسان ويهدف هذا الجناح إلى تعزيز روح التعافي والتضامن بين السوريين
في الختام يمثل هذا المتحف الافتراضي خطوة متقدمة في مجال التوثيق الرقمي للانتهاكات ويعكس تطورًا في استخدام التكنولوجيا لخدمة القضايا الإنسانية ويأمل القائمون عليه أن يكون نموذجًا يُحتذى به في دول أخرى شهدت تجارب مشابهة وأن يسهم في بناء ذاكرة جماعية لا تُنسى
الأقسام الرئيسية
الأكثر مشاهدة من نفس التصنيف
الرأي الأخر
0