في ختام أعمال القمة السادسة والأربعين لمجلس التعاون الخليجي (GCC) التي عُقدت في العاصمة البحرينية المنامة يوم الأربعاء 3 ديسمبر 2025، تصدّرت قضية السودان جدول الأعمال. القادة الخليجيون وجّهوا دعوة صريحة لـ«وقف فوري» للحرب في السودان، مؤكدين على حماية المدنيين وفتح ممرات إنسانية دون عوائق لتفادي أزمة إنسانية أشد عمقًا.
ما جاء في البيان: مسؤوليات وأمل بتحول
القمة أشادت بجهود Mohammed bin Salman ولي عهد السعودية في دفع عملية السلام، مع إشارة إلى زيارته الأخيرة لواشنطن التي تخلّلها احتجاج من الجانب الأميركي على استمرار الحرب.
وُجد في البيان تأييد واضح لبيان «الرباعية» (السعودية – الإمارات – مصر – الولايات المتحدة)، الذي يضع أسسًا لوقف الحرب، انتقال سلمي للسلطة، وضمان مشاركة مدنية، بعيدًا عن الجماعات المتطرفة.
كما أكّد القادة أن سلامة السودان ووحدته مؤسّستان لا مساس بهما، وأن أي حل سياسي يجب أن يحترم مؤسسات الدولة ويُبعد العناصر المتطرفة عن الحكم.
خلفيات مأساوية: لماذا هذا النداء الآن؟
منذ انطلاق الصراع في أبريل 2023 بين Sudanese Armed Forces (القوات المسلحة السودانية) وRapid Support Forces (قوات الدعم السريع)، تحوّل السودان إلى بؤرة إنسانية مأساوية: قتلى، نزوح جماعي، نقص بالغ في الغذاء والمساعدات، وتدهور اقتصادي واجتماعي.
هذا الواقع كان الدافع الأساسي لتحرك خليجي — عربي — دولي نحو محاولة كسر دوامة العنف.
ماذا يعني هذا الموقف الخليجي للمنطقة والسودان؟
إن دعوة مثل هذه من دول الخليج — التي تُعتبر فاعلة على مستوى السياسة والإقليم — تمنح الملف السوداني زخماً دبلوماسيّاً. فهي تشير إلى أن دولًا مؤثرة في الشرق الأوسط ترى أن الحل ليس عسكرياً فقط، بل سياسي وإنساني.
زيادة الضغط على أطراف الحرب — داخلياً وخارجياً — خصوصاً مع التزام دول كالسعودية والإمارات بدعم مدني وإنساني.
في حال ترجمة هذا الموقف إلى فعل (تهدئة، وقف إطلاق نار، محادثات سلام) فقد يكون فرصة لإعادة بناء مؤسسات السودان وتخفيف معاناة المدنيين.
هل يبقى الأمر مجرّد بيان؟ وما حدود التأثير؟
رغم أهمية البيان، لا يزال كثيرون يشكّكون في إمكانية تطبيق قرارات مثل هذه على الأرض. الصراع في السودان مُعقد: هناك أطراف مسلحة، مصالح داخلية وخارجية، وانقسامات قد لا تُحل بسهولة.
كما أن تنفيذ أي وقف إطلاق نار يعتمد على التزام جميع الأطراف — وحين لا تكون هناك ثقة بينهما، يصعب ضمان دوام التهدئة.
لكن مع ذلك، الإعلان الخليجي يُعد رسالة سياسية وإنسانية: أن المجتمع العربي الخليجي يرى أن السعي للسلام ضرورة، وليس خيارًا.
---ختام: هل نقتن-΄ الأمل... هذه المرة؟
دعوة مجلس التعاون الخليجي اليوم لوقف الحرب في السودان تمثل — وقد لا تكون أقل — من أمل يُضاء في قلب مأساة. قد لا تُنهي الأزمة فجأة، لكنها على الأقل تمنح ضحاياها نافذة أمل، وتُعيد القضية السودانية إلى بؤرة الاهتمام الإقليمي والدولي.
إذا رافق هذا البيان ضغط دبلوماسي وإنساني فعال، فقد يكون أول خطوات طريق طويل نحو السلام، وإلا فستبقى الكلمات — كما كثير من السابقات — مجرد «بيان» من بيانات تتابعها مآسي.
الأقسام الرئيسية
الأكثر مشاهدة من نفس التصنيف
الرأي الأخر
0