في محاولة لاحتواء الجدل المتصاعد حول أحداث السويداء الأخيرة، عقدت لجنة التحقيق الوطنية مؤتمرًا صحفيًا في دمشق، أكدت فيه أنها تعمل بـ"استقلالية كاملة" ووفق "المعايير القانونية والوطنية"، مشددة على أن القانون السوري سيحاسب كل من يثبت تورطه في الانتهاكات، سواء كانوا من الدروز أو العشائر أو من قوى الأمن أو وزارة الدفاع.
المتحدث باسم اللجنة، عمار عز الدين، أوضح أن عناصر أجنبية تابعة لوزارة الدفاع دخلت إلى السويداء دون إذن رسمي، وتمت معاقبتهم إداريًا، لكنه أكد أنه "لم يثبت حتى اللحظة ارتكابهم أي انتهاكات"، داعيًا من يملك أدلة إلى تقديمها للجنة. هذا التصريح أثار موجة من التساؤلات في أوساط الناشطين، الذين اعتبروا أن غياب الأدلة لا يعني بالضرورة غياب الانتهاكات، خاصة في ظل صعوبة التوثيق الميداني.
اللجنة أعلنت أنها ستبدأ أولى جلسات المحاكمة العلنية للمتهمين في أحداث الساحل السوري، في خطوة تهدف إلى تعزيز الثقة بالإجراءات القضائية، لكنها لم تحدد موعدًا واضحًا لجلسات السويداء، ما زاد من حالة الترقب الشعبي. كما طلبت تمديدًا لمهلة عملها شهرين إضافيين، معللة ذلك بتعقيد الملف وحجم الانتهاكات التي تحتاج إلى تمحيص قانوني دقيق.
رئيس اللجنة، القاضي حاتم النعسان، أكد أن التحقيق يشمل الاعتداءات على الأرواح والممتلكات، والتهجير القسري، وخطاب الكراهية، وأنه لا يمكن التعامل مع هذه الأحداث بحلول سياسية أو شكلية، بل عبر تحقيق مهني شامل يستوفي المعايير الدولية.
في المقابل، عبّر عدد من أهالي السويداء عن شكوكهم في حيادية اللجنة، مشيرين إلى أن بعض المتورطين يتمتعون بحصانة أمنية أو عشائرية، ما قد يعرقل الوصول إلى العدالة. كما طالبوا بضمانات دولية لمراقبة سير التحقيق، وتوثيق الشهادات بعيدًا عن الضغوط السياسية.
في ظل هذا المشهد، يبدو أن لجنة التحقيق تقف أمام اختبار حقيقي: هل تنجح في كشف الحقيقة ومحاسبة الجناة، أم تتحول إلى مجرد واجهة قانونية لاحتواء الغضب الشعبي؟ وبين الشفافية المعلنة والشكوك المتصاعدة، تبقى السويداء في انتظار عدالة لا تعرف التأجيل.
الأقسام الرئيسية
الأكثر مشاهدة من نفس التصنيف
الرأي الأخر
0