logo logo

مجلة شهرية عربية عالمية , مجلة البيلسان

أهلا بكم

العنوان : شارع

Call: 960-963-963 (Toll-free)

[email protected]
تريندات

مسلسل الهاوية التركي يتصدر محركات البحث بعد حلقة صادمة قلبت الأحداث تماماً

 
 
في عالم المسلسلات التركية الذي بات يفيض بالقصص الرومانسية والمواجهات العائلية، يخرج مسلسل "الهاوية" عن هذا السياق ليقدم حكاية مختلفة تمامًا حكاية لا تعتمد على الحب التقليدي ولا على صراعات الورثة بل على فكرة أكثر قسوة وأكثر واقعية فكرة أن الحياة نفسها قد تكون هاوية وأننا جميعًا نعيش على حافتها دون أن ندرك ذلك
 
المسلسل الذي عُرض لأول مرة عام ٢٠١٢ على قناة ATV التركية ثم انتقل إلى MBC4 في نسخته المدبلجة للعربية لم يكن مجرد عمل درامي بل كان صرخة إنسانية في وجه الظلم الاجتماعي والاتجار بالبشر والخذلان الذي يتعرض له الضعفاء في المجتمعات الحديثة
 
القصة التي لا تُنسى
 
تبدأ الحكاية من مولدوفا حيث تعيش الأختان إيفا وفليتشا في ظروف اجتماعية صعبة حلمهما بسيط جدًا الهروب من الفقر والبحث عن حياة أفضل في تركيا لكن هذا الحلم يتحول بسرعة إلى كابوس حين تقعان ضحية شبكة دعارة تستغل النساء القادمات من أوروبا الشرقية وتزج بهن في عالم مظلم لا يعرف الرحمة
 
فيليشيا التي كانت تحلم بالعمل كمربية أطفال تجد نفسها في قبو دار دعارة بينما إيفا تحاول النجاة والهرب من المصير ذاته هنا تبدأ رحلة الهروب والصراع من أجل البقاء رحلة لا تشبه أي رحلة أخرى لأنها لا تدور حول الحب أو الانتقام بل حول النجاة من السقوط في الهاوية
 
شخصيات على الحافة
 
ما يميز مسلسل الهاوية هو أن كل شخصية فيه تعيش على حافة شيء ما حافة أخلاقية حافة نفسية حافة اجتماعية حتى الشخصيات التي تبدو قوية مثل رجل الأعمال الثري الذي يمتلك الفندق الذي تُدار فيه شبكة الدعارة هو نفسه يعيش على حافة انهيار داخلي لا يراه أحد
 
الشخصيات النسائية في المسلسل ليست نمطية ولا ضحية فقط بل هنّ مقاتلات يحاولن النجاة بكل الطرق الممكنة حتى لو اضطررن إلى الكذب أو الخداع أو الهروب أو حتى القتل في بعض الأحيان
 
المسلسل لا يقدم النساء ككائنات ضعيفة بل ككائنات محطمة تحاول أن تعيد بناء نفسها في عالم لا يرحم
 
الحبكة التي لا ترحم
 
الحبكة في مسلسل الهاوية ليست خطية ولا تقليدية بل تتشابك فيها الأحداث بطريقة تجعل المشاهد دائمًا في حالة ترقب لا توجد لحظة راحة ولا لحظة طمأنينة كل مشهد يحمل معه احتمال السقوط في الهاوية
 
الكتابة في المسلسل تعتمد على المفاجآت وعلى كشف الطبقات النفسية للشخصيات بطريقة تدريجية لا تُظهر كل شيء دفعة واحدة بل تترك للمشاهد مهمة اكتشاف الحقيقة بنفسه وهذا ما يجعل المسلسل أقرب إلى تجربة نفسية منه إلى مجرد عمل درامي
 
البعد الإنساني
 
من أهم عناصر قوة مسلسل الهاوية هو البعد الإنساني الذي يحمله المسلسل لا يتعامل مع الاتجار بالبشر كقضية قانونية فقط بل كأزمة إنسانية تمس الكرامة والهوية والحق في الحياة
 
المسلسل يطرح أسئلة عميقة مثل ماذا يعني أن تكون إنسانًا في عالم لا يعترف بإنسانيتك ماذا تفعل حين تُجبر على بيع جسدك من أجل البقاء هل يمكن للكرامة أن تعود بعد أن تُسلب منك بالقوة
 
هذه الأسئلة لا تُطرح بشكل مباشر بل تُترك لتتسلل إلى عقل المشاهد عبر المواقف والصراعات التي تمر بها الشخصيات
 
الأداء التمثيلي
 
الممثلون في مسلسل الهاوية قدموا أداءً استثنائيًا خاصة الممثلتين Zeynep Köse و Lavigna Longhi اللتين جسّدتا دور الأختين بطريقة مؤثرة جدًا استطاعتا أن تنقلا الألم والخوف والانكسار دون مبالغة ودون افتعال
 
كذلك الممثل Selçuk Yöntem الذي لعب دور رجل الأعمال قدم شخصية معقدة تجمع بين السلطة والضعف وبين القسوة والندم بطريقة تجعل المشاهد يكرهه ويشفق عليه في آن واحد
 
الأداء التمثيلي في المسلسل لا يعتمد على الصراخ أو الانفعالات الزائدة بل على التعبير الداخلي وعلى التفاصيل الصغيرة التي تجعل الشخصية حقيقية وقريبة من الواقع
 
الإخراج والتصوير
 
الإخراج في مسلسل الهاوية كان ذكيًا جدًا استخدم الكاميرا كأداة سردية وليس فقط كوسيلة تصوير زوايا التصوير كانت دائمًا ضيقة ومغلقة لتعكس شعور الشخصيات بالحصار والخوف
 
الإضاءة كانت قاتمة في معظم المشاهد لتعكس الجو النفسي العام للمسلسل حتى الموسيقى التصويرية كانت بسيطة لكنها مؤثرة جدًا استخدمت نغمات حزينة وبطيئة لتعزيز الشعور بالضياع والانكسار
 
لماذا أثار هذا المسلسل كل هذا الجدل
 
مسلسل الهاوية لم يكن مجرد عمل فني بل كان صدمة للمشاهد العربي الذي اعتاد على مسلسلات الحب والانتقام والدراما العائلية فجأة يجد نفسه أمام قصة عن الاتجار بالبشر وعن نساء يُجبرن على بيع أجسادهن من أجل لقمة العيش
 
هذا الطرح الجريء أثار جدلًا واسعًا خاصة في المجتمعات المحافظة التي رأت في المسلسل كشفًا لمواضيع محرّمة لكن في المقابل هناك من اعتبره عملًا شجاعًا يسلط الضوء على قضية مسكوت عنها ويمنح صوتًا للضحايا الذين لا يسمعهم أحد
 
تأثير المسلسل على الجمهور العربي
 
بعد عرض المسلسل على MBC4 بدأ الجمهور العربي يتفاعل معه بشكل كبير خاصة النساء اللواتي رأين في الشخصيات انعكاسًا لمعاناتهن أو مخاوفهن البعض كتب على مواقع التواصل أن المسلسل جعلهم يعيدون التفكير في فكرة الهجرة وفي الثقة بالغرباء
 
البعض الآخر رأى أن المسلسل يبالغ في تصوير الواقع وأنه يخلق حالة من الذعر غير مبررة لكن الأغلبية اتفقت على أن المسلسل يحمل رسالة قوية ويستحق المشاهدة
 
النهاية المفتوحة
 
المسلسل لا يقدم نهاية سعيدة ولا نهاية مغلقة بل يترك الأمور معلقة كما هي في الحياة الحقيقية لا توجد إجابات جاهزة ولا حلول سحرية فقط محاولات للنجاة ومحاولات للفهم ومحاولات للبقاء على قيد الحياة
 
النهاية المفتوحة في مسلسل الهاوية ليست ضعفًا في الكتابة بل هي انعكاس لفكرة أن الهاوية لا تنتهي وأننا جميعًا نعيش على حافتها دون أن ندري